كشفت وثائق رسمية ومصادر موثوقة عن فساد مالي وإداري مهول في تنفيذ مشاريع صندوق صيانة الطرق خلال الفترة التي تولّى رئاسة مجلس إدارته معين الماس الذي تمّت إقالته مؤخّراً.
وأكدت الوثائق أن حجم الفساد الذي تم اكتشافه في الصندوق التابع لوزارة الأشغال العامة والطرق تحوّل إلى "ثقب أسود" وإهدار للمال العام للحكومة الشرعية التي يرأسها الدكتور معين عبد الملك، مشيرة إلى ضرورة مساءلة إدارة الصندوق أمام النيابة العامة والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.
وأشارت المصادر إلى أن المناقصات في 181 مشروعاً تابعاً للصندوق تم إرسائها وتحليلها عبر موظّفين غير متخصّصين من إدارات السكرتارية والنظم والمراقبة والحسابات ليتم إسنادها فيما بعد إلى من يختاره الماس صهر خلدون سالم صالح محمد ودون موافقة الوزير المشرف على الصندوق. علاوة على محاولات إعادة الماس إلى منصبه وإلغاء قرار وزير الأشغال العامة والطرق بإقالته، وذلك عبر تكليف مختار اليافعي (نائب رئيس الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي) للتوسّط لدى رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي.
وأظهرت مراسلات رسمية وجود مخالفات مالية جسيمة في أعمال الصندوق وطرق إسناد المشاريع للجهات المنفّذة وآليات ومعايير توزيعها وفواتير تكلفتها الباهظة، وتسخير إيرادات الصندوق لمشاريع محافظة تعز واستبعاد محافظتي لحج وأبين، فضلاً عن تعيين الميليشيا الحوثية مدراء عموم في الصندوق بعد استبعاد كوادر المقاومة الجنوبية.
وأفادت بوجود مخالفات مالية إذ يتم إرساء مناقصات المشاريع على شركة الخضيري للمقاولات والتجارة والتطوير العقاري بالاتفاق مع الماس وسكرتير الصندوق عبد الوهاب سنبلة مقابل عمولة تتراوح بين 5 و10% من قيمة العقد، كما يتم إبرام عقد إضافي بقيمة أعلى من قيمة العقد الأساسي.
ووفقاً للوثائق تم صرف تذاكر سفر ومساعدات بقيمة 5 آلاف دولار لبعض أعضاء مجلس الإدارة لتسهيل مخالفات الماس وعدم محاسبته على الموازنة التي تقدّر بمليار ريال.. يتم صرف الميزانيات والسيارات والرواتب دون مستندات رسمية وبموافقة شفهية من رئيس الوزراء، ودون تصفية خزينة الصندوق، كما أن الماس يفتقر إلى أي خبرة في إدارة الأعمال ولم يسبق له العمل في أي جهة حكومية، علاوة على أن تخصّصه الدراسي هندسة كهربائية.
وتشمل مخالفات إدارة الصندوق صرف مبلغ 140 ألف دولار تكاليف دورة لـ 9 أشخاص في بولندا، رغم عدم حصول هؤلاء الأشخاص على المبالغ المخصّصة لهم، كما تم صرف بدلات نزول وزيارات لرئيس الصندوق بمبلغ 25 مليون ريال، وصرف عهد بما لا يقل عن 5 ملايين ريال للوكلاء والمشرفين دون تصفية قانونية، وصرف مكافآت بما لا يقل عن مليوني ريال للموظّفات في الصندوق، وشراء ميازين بمبلغ 19800 دولار تم تسليمها للمقاولين ولم يتم إرجاعها حتى الآن، وشراء سيارات بأكثر من 25 مليون ريال دون مناقصة وتوزيعها على الموظّفين بشكل غير قانوني، وشراء 40 جهاز كمبيوتر بالأمر المباشر ودون مناقصة، والتي تم إهداء نصفها وتقديم النصف الآخر رشاوى.
كما تناولت الوثائق إصدار قرارات تعيين وترقيات غير قانونية، وقرارات استغناء وفصل دون إشعار مسبق بحسب قانون الخدمة المدنية لأكثر من ٣١ عاملاً في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي خلّفتها الحرب.
وأوضحت أن إدارة الصندوق قامت بتعيين موظّفين غير مؤهلين من أقارب وزير الخدمة المدنية عبد الناصر الوالي ورئيس الوزراء.
ولم تغفل الوثائق الإشارة إلى فساد الصندوق والمقاولين وأبرزهم شركة الخضيري ومديرها التنفيذي صالح الخضيري في تنفيذ طريق تعز- التربة، مشيرة إلى وجود ممثّلين للشركة في وزارة الأشغال العامة والطرق وصندوق صيانة الطرق وهم وليد ردمان (وكيل وزارة) ووليد الساحمي (وكيل وزارة) وأبو هاشم (مديد مكتب موقوف) وصفوان العباسي (مدير عام) ونبيل مكي (مدير مشروع) ووليد هزّاع (الجودة) وطارق سفيان وحشي (مدير عام).